أسباب المحبة كثيرة..
فقد تحب أحداً لأنه
قوام لليل.. أو صوام للنهار.. أو حافظ للقرآن.. أو داعياً إلى الله..
فهذه المحبة لله.. وأنت مأجور عليها..
والمتحابون في الله.. ولأجل الله.. يوم القيامة يكونون على منابر من نور يغبطهم عليها الأنبياء والشهداء..
هذا هو النوع الأول من أسباب المحبة وهو نوع نافع بلا شك في الدنيا والآخرة..
أما نفعه في الدنيا
فهو ما يقع من تعاون على الخير.. ومحبة صادقة..
وأما نفعه في الآخرة
فهو الاجتماع في جنات النعيم..
( الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون * يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم * خالدين فيها أبداً إن الله عنده أجر عظيم )..
وقد تحب شخصاً..
لجمال وجهه.. أو رقة كلامه.. أو تغنجه ودلاله.. دون أن تنظر إلى صلاحه وطاعته لله..
فهذه المحبة لغير الله.. ولا تزيد من الله إلا بعداً..
وقد هدد الله أصحابها وقال :
{ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدوٌ إلا المتقين }..
وفي الآية الأخرى :
{ ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً * يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً }..
بل إن هؤلاء المتحابين الذين اجتمعوا على ما يغضب الله يعذبون يوم القيامة.. وينقلب حبهم إلى عداوة..
كما قال تعالى عن فريق من العصاة
{ ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً ومأواكم النار }..
نعم.. مأواهم النار..
ولماذا لا يكون جزاؤهم كذلك..
وهم طالما اجتمعوا على الحرام.. وتحدثوا عن الحب والغرام..
لعبت بهم الشهوات.. وولغوا في الملذات..
فهم.. يوم القيامة يجتمعون.. ولكن أين يجتمعون ؟
في نار.. لا يخبوا سعيرها.. ولا ينقص لهيبها.. ولا يبرد حرها..
{ ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين * وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون * حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين * ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون }..
وتلك لعمر الله الفتنة الكبرى.. والبلية العظمى..
التي استعبدت النفوس لغير خلاقها.. وملَّكتِ القلوبَ لعُشّاقها..
فأحاطت القلوب بمحنة.. وملأتها فتنة..
فالمحب بمن أحبه قتيل.. وهو له عبد خاضع ذليل..
إن دعاه لباه.. وإن قيل له ما تتمنى ؟ فهو غاية ما يتمناه..
الجواب الكافي ( 494 – 496 )
*************************
من كتاب اعترافات عاشق
للشيخ الفاضل محمد العريفي
حفظه الله