الشعراء المسيحيون العرب
الجزء الأول
عندما تقرأ معظم المناهج التعليمية والصحف والمجلات العربية وعندما تستمع إلي الإذاعات وتشاهد التليفزيونات بكافة القنوات الأرضية والفضائية العربية؛ تجد باستغراب محاولات لأسلمة العرب والشعر العربي؛ وكأنه لا يوجد مسيحيون عرب؛ و لا شعراء مسيحيين عرب بالمرة. يا سادة إن المسيحيين العرب يبلغون عشرات الملايين في العالم العربي. وأكون شاكراً لمن يُعرّفنا بتعدادهم؛ لأننا كنا نبلغ في السبعينيات أكثر من 22 مليون عربي مسيحي على أقل تقدير. أما الشعراء المسيحيون فهم كثيرون جداً ـ منهم من برع واشتهر وتتلالأ قبل الاسلام وبعده. لقد حزنت جداً على حال مناهجنا التعليمية في مصر والتي تغفل معظم هؤلاء وغيرهم من المسيحيين العرب ـ وحزني هذا بدأ منذ مدة ومستمر حتى الآن. وإن أردت أن تقرأ بالتفصيل عن هذه المناهج اقرأ الدراسة التي كتبها عادل جندي في إيلاف وغيرها من المواقع تحت عنوان: طلبنة التعليم المصري ـ وهي دراسة في حلقات مفصلة. ويقصد بطلبنة أي الهدف من المناهج خلق جيل جديد متطرف مثل طاليبان في افغانستان.
كيف يكون ذلك التجاهل تجاه ما سطره التاريخ؟ ولماذا هذا التغييب بخصوص فحول الشعر والأدب من فضاحل المسيحيين العرب؟ وهل يجوز ذلك في تاريخ معلوم؟ ثم ما هو الغرض من كل هذا؟ فهل يستطيع أحد أن يمحو التاريخ؟ حمى الله مصر وكل العالم العربي وكل بلاد الدنيا من دمار الفتنة والتطرف؛ وجعل الجميع يعيش في سلام. وغرضي أن أقول الحقيقة وهي انه كان هناك مسيحيون عرب مشاركون منذ زمن طويل؛ فلماذا لا تريدوننا الآن أن نكون عرباً أو أن نكون مشاركين ـ لنعيش في سلام ومشاركة ومودة؟
نعم، إن هناك العديد من الشعراء المسيحيين العرب قبل الاسلام وبعد الاسلام. وبعضهم يُكتب فيه كتب؛ وغيرهم يُكتب فيهم مجلدات. وشُهد لهم من عظماء وملوك وفضاحل وفحول ما قبل وما بعد الاسلام؛ وإلي عصرنا هذا يشهد بهم المنصفون من العلماء والعظماء والمؤرخين. أما من حاول التعتيم عليهم فهم المتطرفون الذين يلعبون بكل العالم والتاريخ محاولين محاولاتهم التي لن تصل لغرضها لوجود الأمناء والصادقين من العلماء والدارسين والمؤرخين الذين يفصحون بأمانة عن حقيقة ما أبرزه لنا التاريخ عن هؤلاء الأفاضل من الشعراء؛ وهم بالطبع ليسوا ملائكة بل بشر لهم ما للبشر وعليهم ما على البشر.وسأحاول معكم توضيح حقائق تاريخية عن الشعراء المسيحيين. واعتمدت في ذلك على مراجع أهمها على الاطلاق كتابْي الأب لويس شيخو عن شعراء النصرانية قبل وبعد الاسلام وهما اصدار منشورات دار المشرق ـ بيروت.
الشعراء المسيحيون قبل الإسلام:
أولاً: شعراء اليمن من كندة ومذحج وطي:
من كندة ـ اليمن:
1 - أعمام امرئ القيس (548 م.) هم: حُجْر وشرحبيل ومعدي كرب وسَلمَة وعبد الله. والحارث جد امرئ القيس ـ لما فسدت القبائل من نزار وأتاه أشرافهم وشكوا إليه ما نزل بهم ـ فرّق اولاده في قبائل العرب؛ فملّك حجراَ ابا امرئ القيس على بني أسد وغطفان. وملّك ابنه شُرحَبيل على بكر بن وائل بأسرها وعلى بني حنظلة. وملّك ابنه معدي كرب المسمى بغلفاء على بني تغلب والنر بن ساقط وسعد بن زيد مناة بن تميم. وملّك ابنه سلمة على قيس جمعاء. وملّك عبد الله على بني قيس، وبقوا على ذلك إلي أن مات أبوهم.
2 - امرؤ القيس (565 م.) بن جُحر بن الحارث بن عمرو المقصور بن حجر بن معاوية بن ثور المعروف بكندة وكنيته أبو رَهب وقيل أبو الحارث. واسمه جَندح وامرؤ القيس لقب غلب عليه لما اصابه من تضعضع الدهر ومعناه رجل الشدة. وًلد في نجد عام 520 م. وكان يُقال له الملك الضليل. وهو وشعره يحتاج لمجلدات للكتابة عنهما.
من مَذْحِج ـ اليمن:
1 -الاَفوه الاَوْدي (570م.) وهو صلاة بن عمرو بن مالك بن عوف بن الحارث بن عوف بن ضب.
2 - عبد يَغوث (580 م.) بن صلاءة بن الحارث بن وقّاص.
3 - يزيد بن عبد المَدَان (615م.) بن الديان بن قطن بن زياد بن الحارث بن مالك بن ربيعة.
من طي ـ اليمن:
1 - حنظلة الطائي (590 م.) بن أبي العفراء بن النعمان بن حبّة بن سعبة بن الحارث بن الحويرث بن ربيعة.
2 - قبيصة بن النصراني (592 م.) من بني جرم وجرم رهط أبو اياس بن قبيصة آخر ملوك الحيرة.
3 - حاتم الطائي (605 م.) بن عبد الله بن سعد بن امرئ القيس بن عدي بن أخزم بن أخزم بن أبي أخزم. كان يفك العاني ويحمي الذمار ويقري الضيف ويُشبع الجائع ويفرج عن المكروب ويطعم الطعام ويفشي السلام ولم يَرُدَّ طالب حاجة قط. وكانت امه من الجود بمنزلة حاتم لا تدخر شيئاً و لا يسألها أحد شيئاً فتمنعه. وكانت ذات يسار وكانت من اسخى الناس وأقراهم لضيف وكانت لا تمسك شيئاً تملكه. فلما رأى اخوتها اتلافها حجروا عليها ومنعوها مالها. وكانت تعطي حتى وهي جائعة. وحاتم الطائي مثل أمه أبو الكرم والجود والسخاء عند العرب جميعاً. كان إذا سُئل وهب. وإذا أسَرَ أطلق. وكان وهو طفل تظهر عليه امارات الكرم؛فلما ترعرع جعل يُخرج طعامه فإن وجد من يأكله معه أكل وإن لم يجد طرحه.وهو وشعره أيضاً يحتاج إلي مجلدات للكتابة عنهما مثل امرؤ القيس وشعره.
4 - إياس بن قبيصة (612م.) بن أبي عفراء بن النعمان بن حية بن سعبة بن الحارث … وهو ابن أخي حنظلة ابن أب العفراء.
ثانياً: شعراء نجد والحجاز من ربيعة وتغلب وقضاعة واياد بني عدنان:
من ربيعة ـ نجد والحجاز:
1 - البّراق (470 م.) هو أبو النصر البراق بن روحان ابن أسد بن بكر من مرّة من بني ربيعة وهو من قرابة المهلهل وكليب وكان شاعراَ مشهوراَ من أهل اليمن وهو جاهلي قديم. وكان في صغره يتبع رعاة الابل ويحلب اللبن ويأتي به إلي راهب حول المراعي فيتعلّم منه تلاوة الإنجيل وكان يدين بدينه. وكان عم البراق لُـكَـيْـز بن أسد ابنة حسنة الوجه كثيرة الأدب وافرة العقل شاع ذكرها عند العرب وكان اسمها ليلى فخطبها البراق إلي أبيها لُـكَـيْـز فوعده بها. لكن عمرو بن ذي صهبان ابن أحد ملوك اليمن أمل قبيلة لُـكَـيْـز في الأوضاع الصعبة التي مروا بها طمع في ابنته ليلى مقابل الهدايا السنية والمساعدة. ونُكمل القصة عند ذكر ليلى العفيفة؛ فهي كانت شاعرة مسيحية أيضاً.
2 - ليلى العفيفة (483 م.) بنت لُكَيْز بن مرّة بن أسد من ربيعة بن نزار. وكانت تامة الحسن كثيرة الأدب خطبها كثيرون من سَراة العرب منهم عمرو بن دي صهبان من ابناء ملوك اليمن. وكانت تكره أن تخرج من قومها وتود لو أن اباها زوّجها بالبرَّاق ابن عمها وهي تدين بدينه. إلا أنها لم تعصِ امر أبيها وصانت نفسها عن البراق تعففاً فلُقبت بالعفيفة. وكانت في اثناء ذلك حروب أبلى فيها البراق بلاءَ حسناً. ثم خمدت الحرب وحان موعد زواجها؛ ولكن سمع عنها وعن جمالها ابن لكسرى ملك العجم؛ فأراد أن يخطبها لنفسه فكمن لقومها في الطريق ونقلها إلي فارس، فبقيت هناك أسيرة لا ترضى بزواج إلي أن انتزعها البرّاق من يد غاصبيها واستحق أن يتزوج بها.
3 - كُليب وائل بن ربيعة (494 م.) هو وائل بن ربيعة بن الحرث بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب. وأخوه عدي هو المعروف بالمهلهل.
4 - المهلهل اخو كُليب (531 م.) هو أبو ليلى عدي بن ربيعة التغلبي. وهو من شعراء الطبقة الأولى. وهو خال امرئ القيس بن حجر. ومنه ورث اجادة الشعر. وكان من أصبح أهل زمانه وجهاً وأفصحهم لساناً وأشدهم بأساً. وتكتب في المهلهل وفي شعره مجلدات.